رحلة جوزيف بيتس إلى الحجاز
Abstract
تُعد رحلة الرحالة الإنكليزي جوزيف بيتس _المولود في إنكلترا سنة 1663م، والذي قدم مكة سنة 1680م _ ثاني رحلة لأوربي يزور الحجاز بعد الإيطالي (دي فارتيما) الذي سبقه بقرن ونصف من الزمان ، وقد دوَّن بيتس هذه الرحلة ضمن كتابه ( وصف صحيح لدين المحمدين وطبائعهم ، مع حج إلى مكة ، ووصف للمدينة ) ، حيث عمل على ترجمته د . عبد الرحمن عبد الله الشيخ بعنوان ( رحلة جوزيف بيتس إلى مصر ومكة والمدينة ) ، وقد امتازت هذه الرحلة عما سبقها بأن مؤلفها يُعطي تفاصيل عن الأماكن والمدن التي زارها ، ويعتني بوصف شعائر الحج ومناسكه ، وهو يمتاز بصغر سنه عند قيامه بها ، وذلك أن شغفه للاستكشاف منذ صغره، قد دفعه للعمل بحاراً عند بلوغه الخامسة عشر ، وفي ظل الصراع القائم بين المسلمين والأوربين في البحار ، وقع بيتس أسيراً في يد أحد البحارة الجزائريين فاتخذه عبداً عنده ، ولما أراد سيده الحج ، قرر أخذه معه ، بعد أن أعلن إسلامه ، فكانت نهاية رحلة الحج ، هي البداية لتفكير هذا الرحالة بالعودة إلى بلاده إنكلترا، التي عاد إليها بعد سلسلةٍ من الأحداث .
وأما عن رحلته إلى الحجاز ، فكانت بدايتها بانضمامه إلى قافلة الحج الجزائرية التي توجهت إلى ميناء الإسكندرية بمصر ، وخلال تواجده بمصر يحرص على وصف مدنها ، وغرائبها و بعضاً من طبائع أهلها ، ومن ميناء السويس يتوجهون إلى رابغ ، فيلبسون ثياب الإحرام ، استعداداً للحج ، ثم يُتابعون رحلتهم البحرية إلى جدة ، حيث يستقبلهم جمع من الأدلاء ، يتوجهون بهم إلى مكة ، وعند وصوله إلى مكة يبدأ بيتس بوصف مشاعر الحجاج عند رؤيتهم لكعبتها ، وأحوال أهل مكة وطبائعهم ، وعاداتهم ، وكيفية تعاملهم مع طبيعتها ومناخها ، ثم ينتقل لوصف الكعبة من الداخل وما يحيطها من معالم ، واضعاً خريطةً للحرم كأول خريطة لرحالة ، كما ويتحدث عن ماء زمزم ، ويصف موقف عرفات وما يظهر فيه من وحدة المقصد والهدف ، فيُقارنها بالواقع المسيحي المليء بالخلافات بين قومه ، ويُتابع وصفه لبقية المناسك ، ثم يتحدث عن قافلة المغادرة إلى المدينة ، فيصفها وصفاً دقيقاً ، فيتكلم عما يعتريها من مخاطر أثناء مسيرها ، فيذكر أنه بعد عشرة أيام من المسير تصل القافلة للمدينة ، فيصف المدينة وحجمها ، و يتحدث عن حرمها ، والحجرة الشريفة في داخله ، وما يقوم به الأغوات في خدمتها ، ويذكر قبراً قد أُعد للمسيح عليه السلام عندما يموت في آخر الزمان ، ولا ينسى الحديث عن الواقع الاقتصادي في المدينة ، وكيفية تأمين المؤن لداخلها ، ومن المدينة يُغادر عائداً إلى الجزائر ، فيمر بمصر ، حيث يستقبلهم آلاف الأهلين محتفلين بعودتهم ، وخلال مسير عودته يصف الطريق في أرض العرب بأنها قاحلة ، لا زرع فيها ، ولا خضار إلا نادراً ، ثم يتحدث عما أصابهم من انتشار مرض الطاعون في الإسكندرية ، حيث انتقل إلى سفينتهم ، فأصابته العدوى منه ، ولكنه شُفي بفضل الله ، ثم بمساعدة سيده ، الذي يُثني عليه ، وعند عودته للجزائر ينتهي نص الرحلة للرحالة بيتس الصبي الإنكليزي ، الذي حج بصفته عبداً لسيدة الجزائري ، وفي نهاية هذه الرحلة لا بد من الإشارة إلى أن مؤلفها قد استخدم بعض الكلمات من لغات أخرى ، أو المفاهيم الدراجة في عصره ، كلفظ تركي تعني مسلم ، كما وإنه وقع في كثير من الأخطاء ، في عرضه للمفاهيم والشعائر الإسلامية .
تاريخ نشر العدد: جمادى الآخرة - 1424هـ،
موضع البحث: ص 144 - 150